اعتاد العرب منذ القدم على استخدام التقويم القمري، أو ما يسمّى بالتقويم الهجري، وذلك ليتمكّنوا من تقسيم الوقت ومعرفة مواقيت المواسم والمناسبات لديهم، كما استخدمه العرب أيضاً بعد انتشار الإسلام، فكانت له الأهميّة البالغة، فمن خلال هذا التقويم استطاع المسلمون تحديد المناسبات الدينيّة، وسمّي التقويم القمري بهذا الاسم لاعتماده على دورة القمر في تقسيم شهور السنة، ويبلغ عدد أيّام السنة القمرية 354 يوماً، أي إنّها تتألّف من اثني عشر شهراً تبدأ بحلول اليوم الأوّل من شهر محرم، وتنتهي بانتهاء آخر يوم من شهر ذي الحجة.
شهر ذي الحجّة هو أحد أشهر السنة القمرية، وترتيبه الأخير بينها، كما أنّه ثاني الأشهر الحرم، وأوّل من سماّه "ذي الحجة" هو كلاب بن مرة، وهو الجد الخامس لسيّدنا محمّد عليه الصلاة السلام، وكان ذلك في عام 412 م، وهذا الشهر هو الشهر الذي يتوافد فيه المسلمون من جميع أنحاء العالم إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج، وشهر ذي الحجّة هو آخر الأشهر المعلومات التي ذكرها الله عزّ وجل في كتابه الكريم قائلاً : " الحج أشهر معلومات"، وتبدأ الأشهر المعلومات ببداية شهر شوّال، وتنتهي بنهاية اليوم العاشر من ذي الحجّة.
ويعدّ شهر ذي الحجّة من الأشهر المباركة، والتي تحتلّ قداسةً خاصّة في قلوب المسلمين؛ لأنّه الشهر الّذي يتوجهون فيه لأداء مناسك الحج، كما أنّ الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة هي أفضل وأعظم الأيام في السنة، لأنّها من الأيام التي يتضاعف فيها الأجر والثواب عند الله عزّ وجل، فعلى المسلم في هذه الأيام أن يكثر من العبادات؛ كالصيام، وقراءة القرآن، والتسبيح، والاستغفار، وبسبب منزلة هذه الأيّام العظيمة أقسم جلّ وعلا بها في كتابه الكريم: "والفجر، وليالٍ عشر"، وصيام هذه الأيّام العشرة هو اقتداءً بالسنة النبوية الشريفة التي حثّت على ذلك، لكن من لم يستطع صيامها يمكنه صيام اليوم التاسع من الشهر؛ أي يوم عرفة.
ويضمّ شهر ذي الحجّة يوماً عظيماً يدعى يوم القَرّ، وتقرأ بفتح القاف، ويأتي هذا اليوم بعد يوم النحر؛ أي إنّه اليوم الحادي عشر من الشهر، وسمّي بهذا الاسم لأنّ المسلمين يتوجّهون في هذا اليوم إلى الاستقرار والاستراحة في مِنى، بعد انتهائهم من طواف الإفاضة والذبح، وهو من الأيّام التي لها منزلة وفضل عظيم، فكما ورد عن رسولنا محمّد عليه الصلاة والسلام: " أعظم الأيّام عند الله يوم النحر، ثمّ يوم القر"، كما يعتبر هذا اليوم من الأيّام الثلاثة التي يستجاب فيها دعاء المسلم، وهي: يوم القر، واليومين الثاني عشر والثالث عشر من ذو الحجّة، وللمنزلة العظيمة الّتي يحتلّها هذا اليوم كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يذكر به الناس في خطبته الملقاة يوم النحر، فكان يقول: " بعد يوم النحر ثلاثةُ أيام، الّتي ذكَرَ الله الأيامَ المعدودات لا يُردّ فيهن الدعاء، فارفعوا رغبتكـم إلى الله عزّ وجل".
المقالات المتعلقة بما هو يوم القر